أحدث المقالات والدروس

ملخص وجدول مفهوم الحق والعدالة (محاور، إشكالات، فلاسفة، ومواقف)

author image



ملخص يتضمن تأطيرا إشكاليا ومواقف وتركيبا، مع جدول خاص بمفهوم الحق والعدالة ضمن مجزوءة السياسة  يضم المحاور الثلاثة للمفهوم، وأطروحات ومواقف الفلاسفة المتداولة في الكتب الثلاثة المقررة للثانية باكالوريا.
وجديد هذا المنتوج هو عرضه لأغلبية المواقف الفلسفية المتضمنة في الكتب الدراسية الثلاثة المقررة في المنهاج المغربي، وهي (في رحاب الفلسفة، مباهج الفلسفة، منار الفلسفة) 

.
مفهوم الحق والعدالة
تقديم عام حول مفهوم الحق والعدالة

إذا كانت المقاربة الواقعية لمفهومي الدولة والعنف سمحت بمعرفة الإشكالات المرتبطة بطبيعة السلطة السياسية وإدراك فعل العنف الذي قد يلصق بها. فإن المقاربة الحقوقية السياسة، تقتضي التساؤل حول القواعد التي تنظم الحياة المشتركة للأفراد داخل المجتمع، فحيثما يوجد هذا الأخير، توجد قواعد لتنظيم العلاقات الإنسانية، ولربما كان الحق إحدى هذه القواعد القانونية والأخلاقية التي تحدد ما ينبغي القيام به وفق نحو موضوعي من جهة، ووفق مطلب عقلي يؤسس لمبدأ العدالة من جهة ثانية. فعلى أي أساس يقوم الحق؟ من أين يستمد مشروعيته؟ ما علاقته بالعدالة؟ أو بمعنى آخر، هل يمكن الاحتكام إليه لتحقيق ما هو عادل وما هو غير عادل؟ ثم، هل هذه العدالة إنصاف أم مساواة؟


المحور الأول: الحق بين الطبيعي والوضعي

تأطير إشكالي للمحور

إنه من الصعوبة بمكان إرجاع قوة الحق إلى الأمر الواقع؛ ذلك أنه إذا كانت هذه القوة مستمدة من محاولة تقويم الاعوجاجات الإنسانية واختلالات السلوكات البشرية، فسيكون من الضرورة التنازل عن الحرية المطلقة للحفاظ على الحقوق الطبيعية، ومن ثم تأسيس المجتمع والمدنية على نوع من التباين العلائقي بين الحق الطبيعي والحق الوضعي، فعلى أي أساس يتأسس الحق؟ هل على أساس طبيعي وفطري يكمن في طبع البشر (القوة) أم على أساس ثقافي وضعي (الاتفاق)؟

1)- موقف طوماس هوبس

يرجع أساس الحق الى القوة التي تكشف الطبيعة العدوانية والشريرة للإنسان، والتي تجسدها حالة الغاب التي كان يعيشها والمتميزة بحرب الكل ضد الكل؛ فقد كان الناس يعيشون في حرية مطلقة تخولهم التصرف وفق إملاءات طبائعهم الخاصة وما يروه نافعا بالنسبة لهم. إنها بمعنى آخر دائرة العنف الطبيعي التي تعبر عن حالة الصراع والفوضى والعنف، حيث الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، وهي الدوامة التي لم يكن بوسعهم الخروج منها إلا بإقامة الحق على القوة التي تفرض على الكل التنازل عن حريتهم المطلقة وأهوائهم الطبيعية، والاتفاق بالمقابل على الامتثال لسلطة مجلس واحد أو حاكم واحد، تمثل حاصل إراداتهم. (إن حق الطبيعة هو الحق في استخدام القوة).

2)- موقف باروخ اسبينوزا

بما أن حالة الطبيعة تضر الناس أكثر مما تنفعهم، وتهدد حياتهم واستقرارهم، ولأن الحقوق التي كانت لهم في تلك الحالة، أصبحت الآن تنتمي إلى الجماعة، ولم تعد تملى وفقا للقوة أو الشهوة البيولوجية، فإن اسبينوزا يؤكد على أهمية تشييد مجتمع سياسي قائم على التعاقد الإرادي والحر، من شأنه أن يولي أهمية للحق المدني المتوافق مع مبادئ العقل والسلم. (إن الطبيعة لا تقتصر على قوانين العقل الإنساني الذي يعد هدفه الوحيد هو المنفعة الحقيقية والمحافظة على البشر، بل إنها تشتمل على ما لا نهاية له من القوانين الأخرى المتعلقة بالنظام الأزلي للطبيعة بأكملها).

3)- موقف جون جاك روسو

إن حالة الطبيعة التي كان يعيشها الإنسان باعتبارها حالة افتراضية خالية من الحقوق، لا تعني نشوء الحق على أساس القوة المنبعثة من الطبيعة الإنسانية، فالتغيرات الطارئة على الحياة الإنسانية فرضت على الجميع الدخول في عقد اجتماعي هو بمثابة اتفاق وتعاقد بين إرادات أفراد يخلق إرادة عامة، يخضع لها جميع المواطنين، وتنقلهم من حالة الطبيعة إلى حالة المدينة/ المجتمع التي تجسد الحرية الأخلاقية التي تسمح للفرد بأن يكون سيدا على نفسه. (ليس الأقوى بقوي دائما قوة تجعله يسود أبدا إذا لم يحول قوته حقا والطاعة واجبا).

4)- موقف هانز كيلسين

هناك اختلاف في المرجعيات السيكولوجية والاجتماعية والثقافية بين الناس، مما ينعكس على تصورهم لأساس الحق، ويجعل هذا الأخير يختلف باختلاف المبادئ التي يرتكز عليها؛ فالحق لا يستمد قوته إلا من القوانين الجاري بها العمل والتي تشكل ضوابط تنظيمية تؤطر المجتمع. وعليه فإن المنظور الوضعي يرى بأنه لا حق غير الحق الوضعي الذي يتحدد انطلاقا من اعتبارات واقعية، ومن موازين القوى المتصارعة على أرض الواقع، وهذا ما يضفي على الحق طابع النسبية والتغير. (الحق يقول القانون، كما أن القانون يقول الحق).

تركيب عام للمحور

إن أهم إبداعات الفكر الإنساني على المستوى السياسي هو الخروج من دائرة العنف والقوة إلى دائرة الحق، وهو ما يتجسد في تلك الوضعية التي انتقل الإنسان بموجبها من الحق الطبيعي (حق القوة) إلى الحق المدني/الثقافي (قوة الحق) حيث صار الإنسان يعيش وفق قوانين وضعية وأخلاق وقواعد ومؤسسات تنظيم علاقاته بالآخرين.


المحور الثاني: العدالة باعتبارها أساسا للحق

تأطير إشكالي للمحور

إذا كان الهدف من إقامة الحق هو ضمان السلم والحرية والمساواة، فالمهم هو أن يحترم الجميع قواعد الحق والتصرف وفق متطلباته، ولهذا فإن التعاقد والاتفاق على وضع قوانين وفقا لمبادئ الحق له كفاية أو كأساس تحقيق العدالة داخل المجتمع ومنع الظلم. فكيف تحدد علاقة الحق بالعدالة؟ وهل ضمان السلوك العادل وتجنب الظلم يتحقق بطاعة القوانين؟ أو بمعنى آخر، هل العدالة تجسيد للحق وتحقيق له أهم أن فرصة قيام حق بلا عدالة تظل قائمة؟

1)- موقف باروخ اسبينوزا

يعتبر "اسبينوزا" أن العدالة تجسيد للحق وإحقاق له، فهناك مبدأ تقوم عليه الدولة الديمقراطية، وهو تحقيق الأمن والسلام للأفراد عن طريق سن قوانين عقلية تمكن من تجاوز قوانين الشهوة التي هي مصدر كل كراهية أو فوضى، ومن هنا لا يمكن تصور عدالة خارج إطار مبادئ العقل المجسدة في القانون المدني الذي تتكفل الدولة بتطبيقه، كما لا يمكن تصور تمتع للناس بحقوقهم خارج قانون العدالة، وهكذا فلا يوجد حق خارج عدالة قوانين الدولة. أما خارج هذه القوانين التي يضعها العقل، فإننا نكون بإزاء العودة إلى عدالة الطبيعة التي استحال فيها تمتع الجميع بحقوقهم المشروعة في الحرية والأمن والاستقرار. (على الرعايا تنفيذ أوامره وألا يعترفوا بقانون إلا ما يسنه الحاكم).

2)- موقف إيميل شارتيي (ألان)

إن الحق لا يتحقق كقيمة أخلاقية وقانونية إلا داخل المساواة باعتبارها ذلك الفعل العادل الذي نعامل به الناس بشكل متساو، بغض النظر عن الفوارق القائمة بينهم أو تفاوتاتهم واختلافاتهم من حيث السن أو الجنس أو غير ذلك، وبهذه الشاكلة يكون الحق هو المساواة، والعدالة هي تلك القوانين التي يبقى كل الناس سواسية أمامها. (لقد ابتكر الحق ضد اللامساواة، والقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية، سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا، مرضى أو جهالا).

3)- موقف شيشرون

يرى "شيشرون" أن المؤسسات والقوانين لا يمكن أن تكون أساسا للحق، مادام أن هناك بعض القوانين يضعها الطغاة لخدمة مصالحهم الخاصة وهضم حقوق الآخرين، ولذلك يجب تأسيس الحق والعدالة تأسيسا عقليا؛ إذ أن الحق الوحيد هو الذي يؤسسه قانون واحد مبني على قواعد العقل السليم الذي يشرع ما يجب فعله وما يجب تركه. وعليه فإن الفصل بين العدالة والمنفعة الخاصة هو ما يؤسس الحق تأسيسا عقليا وأخلاقيا بموجبه تحترم المقدسات ويتم حب الأخر وخدمة الوطن(لن توجد عدالة ما لم توجد طبيعة صانعة لها).

4)- موقف أرسطو

أرسطو بأن المدينة إذا قامت على الصداقة، فلن يكون الأفراد في حاجة إلى القوانين والتشريعات كما أن القوانين تكون أفعالا عادلة إذا طبقت بالمساواة ومن دون تمييز بين المواطنين، رغم ما قد يطال هذه العدالة القانونية من إكراه أو إلزام قانوني، والتي بطبيعة الحال فيها من الإيجابيات أكثر من السلبيات، لأن غايتها هي الحد من التعسفات، والمساعدة على التعامل بالمثل (المساواة)، كما يمكن أن تجعل قيام محكمة محايدة أمرا ممكنا (عدالة تعويضية) ناهيك عن أنها فضيلة أخلاقية تضمن حماية وإقرار سعادة الجماعة السياسية.

5)- موقف فون هايك

يعتبر السلوك العادل هو السلوك المترتب عن إرادة الأفراد وقصدياتهم وحرياتهم، ولهذا فالسلوكات الناتجة عن القانون هي بطبيعة القانون سلوكات تتم تحت تهديد الإكراه والإلزام، وبالتالي فلأنها محددة بالقانون، فإنها ليست معيارا للسلوك العادل. (لو شئنا الحفاظ على مجتمع تسوده الحرية، فإن ذلك القسم من الحقوق الذي يقوم على قواعد العدالة هو وحده الكفيل بأن يكون ملزما للمواطنين ومفروضا على الجميع).

تركيب عام للمحور

إن العدالة تجسيد لفكرة الحق، والالتزام بالحق كقيمة أخلاقية مثلى يستوجب إحقاق العدل /العدالة باحترام حقوق الآخرين والمساواة بينهم. ولأن الدولة لا يمكنها أن تنتهك القوانين لأنها الضامن لاستمرارية العدالة، فإنه لا يمكن أن يوجد خارج عدالة قوانين الدولة، ولهذا فلا تكون العدالة عدالة إلا إذا تم الجمع بين الحق والمساواة.


المحور الثالث: العدالة بين الإنصاف والمساواة

تأطير إشكالي للمحور


يهدف الحق غالبا الى توزيع الخيرات، وحسن توزيعها. ولهذا لا تكتسي العدالة طابعا قانونيا فقط أي ضمان المساواة بين الناس أمام القانون من حيث الواجبات والحريات، بل غايتها كذلك ضمان حقوق الأفراد الاقتصادية والاجتماعية رغم التفاوتات الحاصلة بينهم والتي قد تنتج عنها نزاعات أو صراعات. فهل العدالة إنصاف أم مساواة؟ وهل من العدل تدخل الدولة والمجتمع لتصحيح التفاوتات بإنصاف كل فرد حسب تميزه عن الاخرين أم أن تطبيق العدالة يقتضي المساواة بين الجميع دون اعتبار للفوارق؟

1)- موقف أفلاطون

يرى أن العدالة تتمثل في أن ينصرف كل واحد إلى شؤونه، دون التدخل في شؤون غيره، أي أن يؤدي كل فرد الوظيفة التي يفرضها المجتمع والمهمة المناسبة لقواه العقلية والجسدية والنفسية على الوجه المنشود والحسن؛ إذ من شأن ذلك أن يسهم في كمال المدينة، على قدم المساواة مع الحكمة والاعتدال والشجاعة. (من العدل أن يتصرف المرء إلى شؤونه، دون أن يتدخل في شؤون غيره).

2)- موقف دافيد هيوم

عندما ترتبط العدالة بمفاهيم كالحق والحرية والعقل والكرامة، فإنها تقتضي من الإنسان أن يكون حرا مادام لم يلحق الأذى بالغير. وهو حر في تحقيق منفعته الخاصة، وهي منفعة لا تتعارض مع المصلحة العامة، وهذا ما يجعل العدالة فضيلة لا تخلقها إلا قوانين المجتمع، ومن ثم فإن أخلاق المنفعة والمتعة لا تتعارض ومفهوم الحرية الفردية والجماعية. (وإذا ما جعلتم العدالة غير ذات نفع، فإنكم لن تعملوا بذلك إلا على تخريب ماهيتها بالكامل، وتعليق الإلزام الذي توجبه على البشر).

3)- موقف أرسطو

كد على أنه رغم التطابق الحاصل بين المساواة والإنصاف، فإن الإنصاف هو الأفضل لما يقوم به من تصحيح الأخطاء الناتجة عن عمومية قوانين العدالة، فالقانون معروف بتناوله للقضايا في كلياتها وعمومياتها مما لا يتطابق مع الحالات النوعية. أما الإنصاف فيعمل على إعادة تصحيح القانون لجعله أكثر نزاهة وإنصافا؛ فمن اللازم الاحتكام لروح القانون وتكييفها بدل التقيد بها، ليتم منح كل فرد حقوقه بشكل عادل ومنصف. وهو ما تزكيه الحاجة الملحة والمستمرة للتشريع؛ حيث تكون القوانين خاضعة للتعديل والتجديد دائما لتكون أكثر ملائمة. (كل قانون هو قانون عام وعموميته لا تسمح بصياغة تعبيرات دقيقة فيما يخص تلك الجماعات).

4)- موقف جون راولس

ظل وفيا للنظام الليبرالي الذي يؤكد على أولوية الحرية، وتكافؤ الفرص في التنافس، لكن المجتمع وفقا لمبدأ الإنصاف، يمنح الفئات الفقيرة فرصا جديدة للدخول في المنافسة الاقتصادية وليس لتلقي الرعاية والبقاء عالة على المجتمع. وعليه فالقاعدة السياسية لتحقيق العدالة هي الإنصاف التي تقتضي الاستفادة بالتساوي من نفس الحقوق الأساسية. ومن جهة أخرى، عدم وضع عوائق أمام أولئك الذين بحكم مواهبهم الطبيعية او ظروفهم يوجدون في وضع أحسن، شريطة أن يكون للباقي حق الاستفادة أيضا من هذا الوضع ما أمكن. (يفرض المبدأ الأول المساواة في الحقوق والواجبات الأساسية، بينما يفرض المبدأ الثاني اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية).

5)- موقف ماكس شيلر

يرى أن المطالبة بالمساواة المطلقة بين الناس هي مساواة جائرة، ولا تمثل العدالة في شيء؛ لأنها مساواة ظالمة مادامت لا تراعي الفرق بين الأفراد فيما يخص الطبائع والمؤهلات التي يتوفرون عليها، فالعدالة المنصفة هي التي تراعي اختلاف الناس وتمايز طبائعهم ومؤهلاتهم، ومن الظلم أن نطالب بالمساواة المطلقة بين جميع الناس، ذلك أن وراء هذه المطالبة بالمساواة كراهية وحقد على القيم السامية، ورغبة دفينة في خفض مستوى الأشخاص الذين يشعرون بالتميز والتفوق إلى مستوى الذين هم في أسفل الهرم الاجتماعي. (إن وراء هذه المساواة المنشودة تتستر دائما الرغبة في خفض الأشخاص المعتبرين أكبر وأعظم من غيرهم إلى مستوى الذين هم في أسفل درجات السلم).     

6)- موقف إيميل شارتيي (ألان)

لا يمكن الحديث عن الحق إلا في إطار المساواة بين الناس، فالقوانين العادلة هي التي يكون الجميع سواسية أمامها. والحق لا يتجسد إلا داخل المساواة باعتبارها ذاك الفعل العادل الذي يعامل الناس بالتساوي بغض النظر عن التفاوتات القائمة بينهم، وهنا يتحدث «آلان» عن السعر العادل ويميزه عن سعر الفرصة؛ بحيث أن الأول هو المعلن داخل السوق والذي يخضع له الجميع بالتساوي، بينما الثاني هو سعر يغيب فيه التكافؤ بين الطرفين، كأن يكون أحدهما مخمورا والأخر واعيا، أو يكون أحدهما عالما بقيمة المنتوج والآخر جاهلا بذلك. (لقد ابتكر الحق ضد اللامساواة. والقوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية... أما أولئك الذين يقولون إن اللامساواة هي من طبيعة الأشياء فهم يقولون قولا بئيسا).

تركيب عام للمحور


الأكيد كل التأكيد أن العدالة تروم تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين الناس، لكن عمومية القوانين تفرض أحيانا استدعاء الإنصاف باعتباره مصححا الحالات الجور القانوني الناجم عن المساواة المطلقة، وهو ما لا يتم إلا بروح القانون وروح الاخلاق والقيم الإنسانية النبيلة التي بلا شك تتأسس على فضائل العدالة العدل، المساواة والإنصاف.

خلاصة عامة لمفهوم الحق والعدالة


إن الحق والعدالة من أبرز القيم الإنسانية التي عرفها المجتمع الإنساني؛ فالحق قيمة عليا مطلقة تحكم علاقات الناس فيما بينهم، وهي علاقات ملزمة وأمرية قائمة على قواعد قانونية ترمي إلى تنظيم المجتمع وفق تعاقد اجتماعي يكفل التعايش والسلم بين بني البشر، طبقا لمنطق العدالة الاجتماعية، أما العدالة فهي نزعة متجذرة في طبيعة الإنسان الخيرة. لكنها تفرض شرطين أساسين هما ضرورة المساواة بين البشر وإنصاف كل فرد بحسب مميزاته ومؤهلاته، ومن ثم فالعدالة لا تعني التطبيق الحرفي للقوانين، بقدر ما هي احترام للشخص وصيانة لكرامته.