تحليل نص أدوات فعل التفلسف ← "كارل ياسبرز" - المحور الثالث: منطق الفلسفة - النص 1
مجزوءة الفلسفة المحور الثالث: منطق الفلسفة
تمهيد
يقول كانط في كتابه الشهير "نقد العقل الخالص": "حتى الآن لا يمكن أن نتعلم أية فلسفة من الفلسفات، إذن أين هي..؟ ومن يمتلكها..؟ وكيف نتعرف عليها..؟ لا يمكن أن نتعلم سوى التفلسف". وإذا تأملنا هذه العبارة نجده يميز بين الفلسفة والتفلسف، فالفلسفة لا يمكن تعلمها لأنها صرح لم يكتمل بعد، ما دام أنه دائما يظهر فلاسفة يضيفون لبنات جديدة إلى هذا الصرح، أما التفلسف فيمكن تعلمه، لأنه يشير إلى الطريقة وإلى الأدوات العقلية التي يستخدمها هذا الفيلسوف أو ذاك في ممارسته الفكرية الفلسفية، إن للفلسفة إذا منطق للتفكير خاص بها، أي أن لها أدوات عقلية يستخدمها الفلاسفة في التفكير.
ان الغرض من هذا المحور هو اكتشاف بعض تلك الأدوات من أجل أن نستخدمها نحن بدورنا في التعامل مع وضعيات جديدة. حيث يمكننا هنا استحضار قولة كانط "ينبغي أن يذهب التلاميذ إلى المدرسة، لا ليتعلموا الأفكار هناك، ولكن ليتعلموا التفكير والسلوك".
إن فعل التفلسف من حيث هو نشاط عقلي، فعل ناتج عن أصل أو مصدر، هذا الأصل أو المصدر هو الدافع نحو فعل التفلسف. فما هو هذا الأصل...؟
تحليل نص أدوات فعل التفلسف ← "كارل ياسبرز"
صاحب النص :
كارل ياسبرز Karl. Jaspers "1883– 1969". بروفيسور في الطب النفسي، وأحد فلاسفة ألمانيا المعدودين في القرن العشرين، من أعماله "مدخل إلى الفلسفة".
إشكال النص
ما هو الأصل الدافع لفعل التفلسف..؟ أو ما السبيل الموصل إلى أصل الفلسفة..؟
مفاهيم النص الأساسية
- الدهشة (العادية): مفاجأة يسببها شيء خارق، غير عادي، وغير منتظر أمام العقل الإنساني.
- الدهشة (الفلسفية): تختلف عن الدهشة العادية إنها لا تعني أن نفاجأ من الأشياء غير العادية، بل على العكس من ذلك فهي ترتبط بالظواهر الطبيعة التي نبصرها يوميا، إن الفيلسوف يضعها موضع سؤال، ويحاول سبر أغوارها ومعرفة أسرارها.
- الشك: كما جاء في المعجم الفلسفي "لالاند" بأنه: "حالة الفكر الذي يطرح سؤالا واستعلاما عما إذا كان قول ما صحيحا أو فاسدا، والذي لا يجيب عنه حاليا".
- الوعي بالذات: حسب المعجم الفلسفي "لالاند" إنه: حدس (تام أو نسبي) يكونه العقل عن أحواله وأفعاله، فالقول أن الإنسان كائن واع معناه أن لديه معرفة مباشرة بذاته أولا ثم بعالمه الخارجي أيضا.
أفكار النص
1. يبدأ النص بشرح الأصل الذي انبثق منه الدافع إلى التفلسف، والمقصود بالأصل هنا هو بداية التفلسف في أي زمان وفي أي مكان.
2. يتحدث النص عن بداية نظرية للفلسفة لا تنحصر في زمان أو مكان معين، بل مرتبط بممارسة التفكير النظري في أي زمان ومكان.
3. يتحدث النص عن تجليات يمكن ذكرها على الشاكلة التالية:
- يعني الأصل في تجل من تجلياته الدهشة، هي أولى عمليات الفكر التي تربط الفيلسوف بالعالم الخارجي، إنها علاقة الغرابة أو التعجب بين الإنسان وأشياء العالم.
- يعني الأصل في تجل من تجلياته الشك، هو الخطوة الأولى لفحص الأفكار والمعتقدات ونقدها من أجل الوصول إلى الحقيقة.
- يعني الأصل في تجل ثالث من تجلياته التساؤل حول الذات وحول العالم، من أجل استكشاف أسرارهما والبحث عن خفاياهما.
تعتبر هذه التجليات أدوات للتفلسف، لأنها أدوات تمكن الفيلسوف من إنتاج معرفة خاصة غير مرتبطة بالمعرفة العملية النفعية، كما أنها تمكنه أيضا من بناء معرفة حول نفسه، فالدهشة والشك والسؤال أدوات عقلية هي مثلت الأصل الذي انبثق عنه التفكير الفلسفي.
أطروحة النص
يتحدث صاحب النص عن الأصل المنتج للفلسفة، والذي ينبثق منه فعل التفلسف سواء في الماضي أو في الحاضر. ويتجلى هذا الأصل في مجموعة من العناصر تبدأ بالدهشة وتتبع بالشك وتمر منهما إلى التساؤل عن الذات والوعي بها. وتعتبر هذه العناصر بمثابة أدوات أو آليات فعل التفلسف.