أحدث المقالات والدروس

درس مفهوم الشخص في ملخص وجدول (محاور، إشكالات، فلاسفة، ومواقف)

author image


ملخص  يتضمن التأطير الإشكالي والتركيب والمواقف مع جدول خاص بمفهوم الشخص ضمن مجزوءة الوضع البشري يضم المحاور الثلاثة للمفهوم، وأطروحات ومواقف الفلاسفة المتداولة في الكتب الثلاثة المقررة للثانية باكالوريا.
وجديد هذا المنتوج هو عرضه لأغلبية المواقف الفلسفية المتضمنة في الكتب الدراسية الثلاثة المقررة في المنهاج المغربي، وهي (في رحاب الفلسفة، مباهج الفلسفة، منار الفلسفة) 

مفهوم الشخص / المحورالأول : الشخص والهوية
تأطير إشكالي للمحور
إن التساؤل عن هوية الشخص معناه التساؤل عن المكونات الأساسية لهذه الهوية ومقوماتها التي تجعل الشخص هو هو. فعلى ماذا تقوم هوية الشخص؟ هل على كونه ذاتا واعية أم على ما يحمله من صفات وما يصدر عنه من أفعال؟ بعبارة أخرى، ما الذي يتغير في الشخص، وما الذي يبقى ثابتا؟ ثم هل هذه الهوية هوية واحدة أم متعددة؟
1)- موقف رونيه ديكارت
يعتبر ديكارت أن العقل ذاك النور الفطري الطبيعي هو ما يمثل جوهر الذات، وبدونه لا يمكن للإنسان أن يعيَ وجوده ويبلغ الحقيقة، وعلى ذلك فهوية الشخص تتحدد بالوعي وخاصية التفكير باعتبار محلهما العقل « أنا شيء مفكر ».
2)- موقف جون لوك
وحدة الذات الإنسانية (الأنا) واستمراريتها الزمنية المعبرة عن الهوية الشخصية تتجسد في الشعور (الوعي المقترن بالفكر) الذي يميز الشخص المفكر، وفي الذاكرة التي هي امتداد للشعور في الزمان والمكان. « بما أن الوعي يرافق الفكر باستمرار: فإن هذا ما يجسد الهوية الشخصية).
3)- موقف آرثور شوبنهاور
أساس هوية الشخص هو الإرادة؛ إرادة الحياة بوصفها نواة الوجود الإنساني الذي لا يحد بالزمن، إنها إرادة تظل ثابتة عندما ينسى الإنسان أو يتغير، وما العقل سوى تابع لها. « إنها تتوقف على الإرادة التي تظل في هوية مع نفسها، وعلى الطبع الثابت الذي تمثله ».
4)- موقف جون لاشوليي
المحدد الرئيسي للشخص هو هويته، أي تطابقه مع ذاته وتميزه عن غيره، وأساس هوية الشخص وحدته النفسية في الزمان أي عبر مراحل حياته رغم مظاهر التحول والتغير. وهي ليست نتاجا تلقائيا، بقدر ما هي وحدة قائمة على آلية وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصية  (المزاج) وفي مواقفها وردود أفعالها،وآلية الذاكرة التي تربط حاضر الشخص بماضيه القريب أو البعيد. « ليس هناك إلا شيئان يجعلاننا نحس بهويتنا أمام أنفسنا وهما: دوام نفس المزاج أو نفس الطبع، وترابط ذكرياتنا ».
5)- موقف سيغموند فرويد
إن الجوهر الحقيقي للشخص متمثل في اللاشعور أو اللاوعي الذي يختزل تصورا ديناميا للشخصية، باعتبارها مجموع صراع بين الغرائز (الهو) والمثل الأخلاقية (الانا الأعلى) وضغوط الواقع الاجتماعي، فالأنا هو من جهة نتاج للتوازن والتوفيق بين هذه القوى، مثلما هو أداة لتحقيق هذا التوازن والتوافق، مما يجعل وحدة الشخص وحدة دينامية عسيرة ولامتناهية التحقق. « إن الأنا مضطر إلى أن يخدم ثلاثة من السادة الأشداء... وهؤلاء المستبدون الثلاثة هم العالم الخارجي والأنا الأعلى والهو ».
6)- موقف إيمانويل مونيي
إن الشخص ليس موضوعا ولا يمكن أن يتمثل في أي إنسان بوصفه موضوعا، لأنه مخالف للأشياء الخارجية، إنه واقع كلي وشمولي يجسد فكرا بما هو روح ترتبط بما هو داخلي، وتميزه بهذا الداخل يلغي كل نظرة خارجية قد تجعله مجرد صور خارجية مركبة، وقد تعجز عن فهم الشخص في وحدته وكليته الداخلية، هذه الوحدة والكلية هي ما يجسد هوية الشخص. « إن الشخص هو الشيء الذي نعرفه، والذي نشكله من الداخل ».
تركيب عام للمحور
إن الحديث عن الهوية الشخصية يقتضي توحد هذه المقاربات كلها واستحضارها؛ فالشعور الممتد عبر الذاكرة ودوام نفس الطبع يجعلان الشخص يدرك أنه ذات تتميز بالتفكير والوعي، وتجسد روحا ترتبط بما هو داخلي، رغم دخوله في حالة من اللاوعي أحيانا أخرى، وبطبيعة الحال، فإن كل هذا لا يقوم إلا بقيام إرادة حقيقية للحياة لدى الفرد.


مفهوم الشخص / المحور الثاني : الشخص بوصفه قيمة
تأطير إشكالي للمحور
بمجرد أن نقول بأن هذا الكائن شخص، فهذا يعني الارتقاء به وإعطاءه قيمة مثلى فأين تكمن هذه القيمة؟ هل في كون الشخص غاية أم مجرد وسيلة؟ ثم ألا يمكن أن يتأسس البعد القيمي للشخص كذلك في انفتاحه على الآخرين أم أنه يبقى محصورا في ذاته فقط؟
1)- موقف إيمانويل كانط
الشخص كذات عاقلة وأخلاقية يمكن أن تُنسب إليها مسؤولية أفعالها هو غاية في ذاته وليس شيئا أو أداة أو موضوعا. وهذا يعني أنه يمتلك قيمة وكرامة لا تقدر بثمن، بل ومتميزة ونادرة تستحق كل احترام وتقدير، وهذا هو جوهر كل تصور أو تعامل أخلاقي مع الإنسان، « تَعامَلْ على نحو تُعامِلُ معه الإنسانية في شخصك كما في شخص غيرك دائما وأبدا كغاية وليس مجرد وسيلة ».
2)- موقف جورج غوسدورف
يتناول مفهوم الشخص من منظور علمي واقعي، هكذا فقيمة الشخص الأخلاقي لا تتحقق إلا من خلال مشاركته للغير والانفتاح عليه، فمنذ البدايات الأولى للوجود البشري والإنسان يعيش مع الآخر ضمن أشكال من التعايش والتضامن التي سمحت للفكر الأخلاقي وغيره أن يتشكل على أرض الواقع. من هنا فالكمال الأخلاقي للشخص لا يكون إلا في إطار الوجود الاجتماعي، وفي أشكال المشاركة والتعايش مع الناس.      « يدرك الشخص الأخلاقي أنه لا يوجد إلا بالمشاركة ».
3)- موقف جون راولس
تبرز قيمة الشخص من خلال انفتاحه الضروري على الآخرين والتعاون الاجتماعي معهم ومشاركته في الحياة الاجتماعية، وكذلك من خلال الالتزام بمبادئ الأخلاق واحترام كل الالتزامات والحقوق والواجبات « الشخص باعتباره ذلك الكائن القادر على المشاركة في الحياة الاجتماعية يتوفر على قدرة التأثير واحترام مختلف الحقوق والواجبات ».
4)- موقف فريدريك هيغل
يكتسب الاشخاص قيمتهم بامتثالهم لروح شعوبهم، ومن خلال تبوئهم لمرتبة معينة داخل حياة المجموع نتيجة لاختيارهم الحر الذي يفرض عليهم تحقيق الواجبات المستلزمة حسب ما تفرض مكانة كل فرد ومرتبته. « إن قيمتهم الأخلاقية تكمن في سلوكهم، امتثالا للواجب ».
5)- موقف إيمانويل مونيي
يصور الشخص ككيان يتسم بالإرادة والوعي والتجاوز، بخلاف الأشياء الخارجية أو الموضوعات التي هي كائنات متطابقة كليا مع ذاتها . وهذا الشخص يكتسب  سماته الشخصية وقيمته باستمرار ويغنيها عبر عملية التشخصن، فالشخص ليس معطى نهائيا جاهزا، بل هو عملية اكتساب ومراكمة دائمة لسماته الخاصة، « إن الشخصية نشاط معيش أساسه الإبداع الذاتي والتواصل والانخراط، يحيط بذاته ويتعرف عليها داخل فعله، باعتبار هذا النشاط حركة شخصنة ».
تركيب عام للمحور
إن قيمة الشخص لا تتبلور إلا من خلال النظر إليه باعتباره غاية في ذاته انطلاقا من مبدا الواجب الاخلاقي، ومن ضرورة انفتاحه على الآخرين ومشاركتهم حياتهم الاجتماعية والتضامن معهم.



مفهوم الشخص / المحور الثالث : الشخص بين الحرية والضرورة
تأطير إشكالي للمحور
إن الوقوف على محددات الهوية الشخصية وما يملكه الشخص من قيمة في الوجود والحياة، يقتضي كذلك التعرف على وضعيته داخل هذا الوجود وموقعه بين الضرورة والحرية. مما يجعلنا نتساءل : هل الشخص كائن حر بشكل مطلق أم أنه خاضع لضرورات وإكراهات داخلية وخارجية؟ أم انه يتموضع بين الحرية والاكراه على حد سواء؟
1)- موقف جون بول سارتر
يؤكد على أن وجود الإنسان يسبق ماهيته، فهو يوجد أولا، ثم بعد ذلك، يفكر فيما سيكون عليه انطلاقا من اختياراته الحرة، إنه مشروع يمتلك القدرة على إلقاء وموضعة ذاته في المستقبل، ثم بعد ذلك يحدد ماهيته ويتحمل مسؤولية اختيارها. « هذه الوثبة نحو التموضع التي تلقي بنا داخل مجال من الإمكانات نسميها كذلك اختبارا وحرية ».
2)- موقف إيمانويل مونيي
إن حرية الشخص، ليست ماهية مطلقة ومجردة، بقدر ما هي خاصية وقيمة توضح وجود الشخص في ذاته وداخل الجماعة، وهو أمر يحتم عليه أن يعي شروط وضعه الواقعي ويعمل على تعديلها، أي أن حرية الشخص هي دوما حرية بشروط، لكنها ليست خضوعا للضرورة. « إن حريتنا هي حرية إنسان في موقف، وهي كذلك حرية شخص تعطى له قيمة».
3)- موقف باروخ اسبينوزا
ينتقد التصور العامي والميتافيزيقي الذي يعتبر الإنسان حرا في اختياراته، وفاعلا وفق مشيئته، فهذا ما هو إلا وهم شائع عن وعي الناس بأفعالهم ورغباتهم، وجهلهم بالأسباب الحقيقية المحددة لأفعالهم؛ فالاعتقاد بالتصرف الحر  وفق ما تمليه النفس هو في الواقع وعي بالشهوات وجهل بالحتميات. « تلك هي الحرية الإنسانية التي يتبجح الكل بامتلاكها والتي تقوم فقط في واقعة أن للناس وعي بشهواتهم، ويجهلون الأسباب التي تحددهم حتميا ».
4)- موقف سيغموند فرويد
إن الشخص مقيد بمجموعة من الإكراهات الخارجة عن إرادته الخاصة والآتية من اللاوعي (اللاشعور) الذي يشكل الأساس الخفي المتحكم في الذات الإنسانية، والذي يضم ثلاثة قوى نفسية متصارعة فيما بينها هي : الهو، الأنا، والأنا الأعلى. « هكذا يصارع الأنا وهو محاصر بين ضغط الأنا الأعلى، ومطالب الهو ».
5)- موقف محمد عزيز الحبابي
إن انتقال الإنسان من وضعية الكائن المتشكل من الفعالية البيولوجية والتنفيذ على غرار الكائنات الحية الأخرى إلى الشخص، يتأتى بوعي الذات لأوضاعها الخاصة والعامة، وذلك وفق ما تمليه النية والقصد الذي يرمي إليه ذلك الوعي، وتبعا للفعل الإرادي للشخص الذي يتجه نحو إنسانيته بواسطة نزع قناع الشخصية عبر عملية التشخصن. « زيادة على الشخص والكائن، وابتداء من اتصالهما، يمكنني أن أكون إنسانا، أي قيمة يستطيع أن يحققها كل أولئك الذين يصلون إلى نزع (الأقنعة)، نعني شخصيات كل واحد منا ».

تركيب عام للمحور
إن حرية الشخص لا تتأتى إلا بمقدرته على تجاوز المحددات والإكراهات الذاتية والسيكولوجية والسوسيولوجية... التي تواجهه، والتي تجعله في محاولة التجاوز هاته مشروط التحرر، ومن ثم فهو يبقي كائنا متنقلا ومتأرجحا بين الضرورة والحرية.


رابط تحميل الجدولPDF: